التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون 188}

صفحة 2803 - الجزء 4

قوله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ١٨٨}

  · اللغة: أصل الملك: القدرة على التصرف من غير مانع، ومنه: مالك العبد والدار هو من له أن يتصرف فيهما وليس لأحد منعه، ومنه: المَلِك؛ لأن الناس يملكون أمرهم معه، ومنه: مَلَكْتُ العجين شدته أملُكه بضم اللام وأملكته، أملِكه بكسر اللام -: إذا أتممت عجنه، وعجين مملوك ومملك، ومنه قول الشاعر:

  مَلَكْتُ بها كَفِّي فَأَنْهَرتْ فَتْقَهَا ... يَرَى قَائِمٌ مِنْ دُونِهَا ما وراءها

  والغيب: ما غاب عن الحواس، وقيل: ما غاب عن الحواس ولا دليل عليه.

  · النظم: ولما تقدم السؤال عن الساعة وهو العلم بالغيب أمره - تعالى - أن يجيب بأنه لا يعلم الغيب، وأن علم الغيب يختص به المالك للضر والنفع «قُلْ لا أَمْلِكُ» عن الأصم وأبي مسلم.

  وقيل: إنه جواب عن سؤالهم، كأنه قال إنما لا أملك أن أسوق إلى نفسي نفعًا أو أدفع عنها ضرًّا فكيف أعلم الغيب، وتم الكلام عند قوله: «إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ» ثم ابتدأ وقال: «وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ» أي: الجنون، جوابًا عن قولهم: به جِنَّة، عن مقاتل.

  · النزول: قيل: إن أهل مكة قالوا: يا محمد، ألا يخبرك ربك عن الرخص والغلاء حتى