قوله تعالى: {وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون 170}
  وتدل على بطلان قول أصحاب المعارف؛ لأن قوله: «مَا لاَ تَعْلَمُونَ» نص في الباب.
  واستدل بعضهم بالآية على نفي القياس، وذلك يبعد؛ لأنا عَلِمْنَا صحته بما دللنا عليه وموضعه وصفته، فقد قلنا ما يعلم صحته، وقيل: إن الآية وردت فيما يتصل بالتوحيد والعدل ولا وجه لما قال.
  ومتى قيل: أي فائدة في الإخبار عن عداوته وما يأمر به؟
  قلنا: فوائد كثيرة:
  منها: كي نحاربه بفعل الطاعات وترك المعاصي.
  ومنها: أنه إذا دعا إلى الشُّبه والحرام دعاه علمه بعداوته إلى النظر في الأدلة والتحرز، والتمييز بين الحلال والحرام.
  ومنها: إذا علم عداوته تجنب دعوته وترك اتباعه.
  ومنها: أنه إذا علم عداوته وقابل دعوته أوامر اللَّه تعالى مع محبته لعباده اتبع أوامره، وطلب مرضاته دون من صحت عداوته.
  ومتى قيل: فما معنى التخلية بينه وبين العباد حتى يوسوس إليهم؟ وهل يضل بسببه أحد؟
  قلنا: أما التخلية فلما علم تعالى من المصلحة للمكلفين، وهي زيادة في التكليف واختبرهم به، فأما الضلال فقال أبو علي: لا يضل أحد بوسوسته إلا ولو فقدها لضل أيضًا حتى لو علم تعالى أنه لولاه لم يضل لمنعه منه، ولما خلى بينهما، وأما أبو هاشم فيقول: يجوز أن يضل بسببه أحد لولاه لما ضل، ويقول: إنه كزيادة الشهوة، فإذا خالفه عظم ثوابه.
قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ١٧٠}