التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين 23}

صفحة 284 - الجزء 1

  وهو مذهب جماعة، وجوز أبو هاشم كونها كروية ومسطحة، وأبو القاسم قطع على أنها كروية، وتوقف فيها القاضي.

  واستدل بعضهم بقوله: «فَأَخْرَجَ به مِنَ الثَّمَرَاتِ» على أنه تعالى يفعل لسبب، واختلفوا فقال أبو علي: لا يفعل اللَّه لسَبب؛ لأنه يؤذن بالحاجة، وقال أبو هاشم: يجوز؛ لأن الحاجة ترجع إلى الفعل فهو كالمحل للأعراض، وذهب أبو هاشم إلى أنه بَنَى الأشياء على طبيعة تخرج منها الأشياء بطبائعها، وهذا عندنا باطل؛ إذ الطبع لا يعقل، والتأثير من غير صانع مُختَارٍ فاسد.

قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٢٣}

  · اللغة: الريب: الشك مع تهمة.

  العبد: المملوك من نوع ما يعقل، ونظيره الرق، ونقيضه الحرية، وأصله مأخوذ من التعبد، وهو التذلل، كأنه يذل لمولاه، وَعَبْدُ قِنّ تأكيد للعبودية، وجمعه أَعْبد وعُبْدان، وعَبِيد، والعبودية لا تقع إلا بالسمع؛ لأنه بمنزلة ذبح الحيوان، ويستحق عليه العوض، والعبودية ليست بعقوبة، ولذلك يسترق الصبي والمؤمن.

  والسورة: يهمزها بعضهم، ولا يهمزها الآخرون، فالأول مأخوذ من سور البناء، وأصله البناء المرتفع، فكأنه جعل كل سورة منزلة، وعلى الثاني أريد قطعة من القرآن؛ لأنه من قولهم أسْأرْتُ منه سُؤْرًا، فأما الجمع ففي سورة من القرآن سُؤَر بفتح الواو، ومن البناء سُوْرٌ بتسكين الواو، وأصل السورة المنزلة.

  والمثل والشبه والعِدْل نظائر، ونقيض المثل الخلاف، وحد المثل هو ما يسد مسده فيما يرجع إلى ذاته.