التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين 149 بل الله مولاكم وهو خير الناصرين 150}

صفحة 1340 - الجزء 2

  عن قتادة والربيع، وزاد ابن جريج والغنيمة، وقيل: ثواب الدنيا المدح والتعظيم وشرح الصدر، وثواب الآخرة الجنة وما فيها، عن أبي علي «وَاللَّهُ يُحِبُّ» يريدْ ثوابهم «الْمُحْسِنِينَ» في أقوالهم، قيل: فاعل الحسن، وقيل: يحسن إلى نفسه بطاعة ربه، وقيل: يحسن إلى غيره.

  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الاقتداء بمن تقدم ذكرهم، وتعليم المجاهد كيف يقول ليكون منقطعًا إلى ربه ويأتيه النصر.

  وتدل على أن التوبة إنما تكون مع الاعتراف بالذنب، وإنما يكون معترفًا بأن يقر على نفسه لا أن يضيف إلى ربه، فمن هذا الوجه تدل على بطلان قول الْمُجْبِرَةِ.

  وتدل على أن من ينقطع إلى ربه ينال خير الدارين حثًا لعباده على ذلك.

  وتدل على أنه يحب المحسنين؛ لأجل إحسانه، فيدل على أنه يحب الإحسان ولا يكرهه، بخلاف قول الْمُجْبِرَةِ.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ١٤٩ بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ١٥٠}

  · اللغة: الانقلاب: الانصراف عن الشيء، انقلب ينقلب انقلابًا. والخسران: هلاك رأس المال.

  و (بل) للإضراب عن الأول والإيجاب للثاني مُوجَبَيْنِ كانا أو مَنْفِيَّيْنِ، أو كان أحدهما موجبًا والآخر منفيًا، ولكن لنفي متقدم أو متأخر، كقولك: ما جاءني زيد لكن عمرو، وجاءني زيد لكن عمرو، فعمرو لم يأت، وتقول في (بل): جاء زيد بل عمرو، وما جاء زيد بل عمرو، وقيل: يوجب العطف بالاشتراك. في الإعراب؛ لأن الإضراب عن الأول إلى الثاني كالبدل، فكما يجب الاشتراك في الإعراب في البدل كذلك. ههنا.