التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون 203}

صفحة 2829 - الجزء 4

  وتدل على أن طمع الشياطين في الفسقة يقوى، ويضعف في المؤمنين لما قدمنا من استعاذتهم بِاللَّهِ.

  وتدل على أن المعاصي ليست بخلق اللَّه، وإلا لم يكن للتعوذ به معنى، إذْ لو كانت الوسوسة إلى الضلال والضلال منه، فما مضى الاستعاذة من الشيطان؟

قوله تعالى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ٢٠٣}

  · اللغة: الاجتباء: افتعال من الجباية، ونظيره: الاصطفاء، وهو استخلاص الشيء للنفس، قال علي بن عيسى: أصله الاستخراج، يقال: جبى يجبي: إذا استخرج، وجباية الخراج: استخراجها. وقيل: أصله الجمع من جبيت الماء في الحوض: جمعته، يقال: جبيت واجتبيت: جمعت، والجابي: الذي يجمع الأموال، والذي يجمع الماء في الحوض جابي الحوض جابية لجمعها الماء، عن أبي مسلم. والجِبَا مقصورًا: ما حول البئر، ومنْه الحديث: «فقعده رسول اللَّه ÷ على جباها فسقينا واستقينا». والجِبَاء بالمد والكسر: ما جمعت فيه من الماء، ويقال: جبيت الخراج وجبوته، وهو حسن الجِبْوَة والجِبية.

  والبصائر: جمع بصيرة، وهو: ما يبصر به. والبصائر: طرائق الدم، وأصله: ظهور الشيء وبيانه، يقال: بَصُرَ بالشيء يَبْصُرُ: إذا علمه على وزن: كرم يكرم، وأبصر يُبْصِرُ: إذا نظرت بالعين، فأدركته.

  · الإعراب: الأصلْ في «لولا» امتناع الثاني من أجل الأول، كقولك: لولا زيد لأتيتك، كأنه