قوله تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون 106 وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون 107}
  والحائض والجنب، والغنى والفقر، والأمم والأماكن والأزمنة؛ لأنه لا يؤدي إلى تضاد الاعتقادات؛ لأن كل مكلف إذا اجتهد ففرضه ما يؤدي اجتهاده إليه، كمن اشتبه عليه القبلة، وكمكفر اليمين ونحوه، وفي الأول يؤدي إلى تضاد الاعتقادات حين يعتقد في اللَّه تعالى أنه جسم، وليس بجسم؛ فلهذا فرقنا بينهما.
  وتدل على بطلان وقبح التمسك بالباطل مع قيام الحجة.
  وتدل على بطلان مذهب الجبر؛ لأنه أمر بالأمر بالمعروف وبالألفة، ونهى عن التفرق، وعلق الفلاح به، فلو كان الجميع خلقه أو موجب القدرة التي تفعله لم يكن لذلك معنى، ولو كان لا يوجب الجزاء لما علق الفلاح به، فيبطل قولهم في المخلوق والاستطاعة وجزاء الأفعال.
  واستدل بعض الزيدية بالآية في قولهم: إن الإمامة تثبت بالدعوة عند اجتماع الأوصاف، فعلم بمجموع ذلك أنه المنصوص من جهته تعالى كما تقول المعتزلة في البيعة والإمامية في نص الأئمة بعضهم على بعض قالوا: ومعنى الدعوة أن يعلم انتصابه للأمر، قالوا: إنه تعالى أمر بالدعوة، ثم عطف عليه الأمر بالمعروف، فالظاهر أنه غيره، وأيدوا ذلك أن من الأمر بالمعروف ما لا يقوم به إلا الأئمة، فكان ذلك كالفرع على الدعوة؛ ولذلك عطف عليه، قالوا: ولذلك أدخل (من) في (منكم)؛ لأن جميع الأمة لا يصلحون لذلك، وإنما يصلح من كان من نطق بالمعروف، بخلاف الأمر بالمعروف؛ لأن الناس كلهم فيه سواء، ومن خالفهم يقولون: يدعون إلى الخير، يعني الإيمان والتوحيد، ثم يأمرون بالعمل بالشرائع، وينهون عن المنكرات، واستدلالهم بهذه الآية ليس بالواضح، خصوصا ولم يقل به أحد من السلف، ولا جرى ذكر الدعوة في الصحابة عند ذكر الإمام وطلب أوصافه.
قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ١٠٦ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ١٠٧}