التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم 228}

صفحة 906 - الجزء 1

  إما أن تفيء أو تطلق، فإن لم يفعل طلقها القاضي، ثم تلك التطليقة بائنة، عن جماعة الفقهاء وأكثر الصحابة، وعن ابن عمر وسعيد بن المسيب وجعية «فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيم» قيل: يسمع قوله، ويعلم ضميره، وقيل: يسمع إيلاءه، ويعلم عزيمته.

  · الأحكام: الآية تدل على أن الإيلإء حكم شرعي، وعليه بنى الفقهاء كتبهم في الإيلاء.

  ويدل قوله: «لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ» أن فيه يمينًا، ولم يبين صفته لذلك اختلفوا، فقيل:

  لا يكون موليًا إلا أن يحلف بِاللَّهِ، وقيل: يكون موليًا بكل يمين، وعليه يدل الظاهر، وعليه الفقهاء.

  ويدل قوله: «أَرْبَعَةِ» على تقديرٍ، ولا خلاف أن ما فوقه حكمه حكم الأربعة، وفائدة التقدير منع ما دونه، وقد قال بعضهم: إذا حلف على أقل من أربعة أشهر يكون موليًا، ومنهم من قال: إذا حلف على أربعة يكون موليًا فقط، والصحيح ما قدمناه.

  ويدل قوله: «فَإِنْ فَاؤُوا» على حق لها عليه يجب رفع الإيلاء لأجله.

  ويدل قوله: «غَفُورٌ رَحِيمٌ» أنه عاص بالإيلاء؛ إذ لا يليق الكلام إلا بذلك.

  ويدل «وَإنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ» على تحريمه؛ فإن للطلاق مدخلاً فيه، وتفصيل ذلك مبين في كتب الفقه، وجملة الكلام في الإيلاء من ثلاثة أوجه: ما يكون به موليًا، والكلام في الفيء، والكلام في العزيمة، وقد بينا جملته.

قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٢٢٨}

  · اللغة: الطلاق: عن الإطلاق، وهو التخلية من حِبَالةَ الزوج، يقال: أطلقت البعير،