قوله تعالى: {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون 41 الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون 42}
  للفعل حتى لا يصح إلا به، فيجوز أن يفعل الأفعال بكن، ويفعل كن لا بكن آخر، على أنا بينا أن المراد التشبيه لا حقيقة كن.
  وبعد فإنه يدل على حدث الكلام من وجوه:
  أحدها: لأن ظاهره يوجب أن تكون المحدثات عقيب كن، وما لم يتقدم المحدث لا بوقت واحد يكون محدثاً.
  وثانيها: أن الفاء للتعقيب فتوجب أن يكون الفعل عقيب كن.
  وثالثها: أن كن الكاف قبل النون والقديم ما لا يكون قبله شيء، وإن كان الحرفان قديمان فليس بأن يكون كن أولى من أن يكون يَكُ، وإن كان أحدهما محدثاً، فالقديم والمحدث لا يتآلف.
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ٤١ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٤٢}
  · اللغة: الهجرة: النقلة من الوطن إلى بلد غيره، وأصله من الهجر، هجر يهجر هجرًا إذا أعرض عنه.
  والتبوؤ: الحلول بالمكان للمقام فيه، تبوأ منزلاً تبوؤاً إذا اتخذه، وبوأه غيره يبوئه إذا أحله إياه، ومنه: {بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ}[يونس: ٩٣].
  · النزول: قيل: نزلت في المعذبين بمكة مثل: صهيب، وعمار، وخباب وغيرهم، فمكنهم اللَّه بالمدينة.