التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب 32 أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد 33 لهم عذاب في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق 34}

صفحة 3799 - الجزء 5

  وتدل على أنه قادر على إنزال ما اقترحوه وإن لم يفعل للمصلحة.

  وتدل على أنه لا يخلف الوعد والوعيد، فيبطل قول المرجئة لأن الآية مطلقة، فوروده عقيب الخبر عن الكفار لا يمنع من حمله على إطلاقه.

قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ٣٢ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ٣٣ لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ٣٤}

  · القراءة: قرأ عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب: «وَصُدُّوا» بضم الصاد، وفي (حم المؤمن) {وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ} على ما لم يسم فاعله، يعني أن الكفار صدهم غيرهم، وقرأ أهل الحجاز: أبو جعفر ونافع وابن كثير، وأهل الشام: ابن عامر، وأهل البصرة: أبو عمرو وأبو حاتم: (وَصَدُّوا) بفتح الصاد في السورتين، يعني الكفار صدوا عن سبيل اللَّه.

  قال بعض أهل الجبر: الأول قراءة أهل السنة وهو فيه إثبات القدر، كأنه يحمله على أنه تعالى صدهم عن السبيل، وهذا فاسد من القول من وجوه:

  منها: أن ظاهر الآية لا يقتضي ذلك، ويحتمل أن رؤساءهم وكبراءهم صدوهم، ويحتمل أن الشيطان صدهم فلم يحملوا على أن اللَّه تعالى صدهم.