التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا 22}

صفحة 1504 - الجزء 2

  ويدل قوله: «وَكَيفَ تَأْخُذُونَهُ» على أن الأخذ إنما يحرم إذا حصل الإفضاء، وقد بينا، ثم أكد النهي بقوله: «وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا» والأظهر ما هو يوجبه عند عقد النكاح من إعطاء المهر والنفقة، وحسن العشرة، وإن لم يؤخذ منها إلا بطيب نفس منها عن القاضي.

قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ٢٢}

  · اللغة: النكاح اسم يقع على العقد، ومنه: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى} ويقع على الوطء كقوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} أي لا يطأ بالحرام إلا من تطاوع مستحلاً فهو مشرك، أو مُحَرِّمًا فهو زان، ومنه: «ملعون من نكح يده، ملعون من نكح البهيمة». قال الشاعر:

  كَبْكَرٍ تُحِبُّ لَذِيذ النكَاحِ ... وتَفزعُ مِنْ صَوْلَةِ النَّاكِحِ

  وأصله الجمع، ومنه: (أنكحنا الفرا فسترى)، وقيل: أصله الوطء، ثم سمي العقد به؛ لأنه سببه كما يقال للجمل: راوية.

  والفاحشة: كل قبيح فحش خطؤه.

  والمَقْتُ: بُغْضٌ عن أمر قبيح يركبه صاحبه، قال أبو مسلم: هو اسم لجمع الكراهة والبغض والاستقباح، يقال: مقت إلى الناس مقتًا فهو ممقوت، ويقال: إن ولد الرجل من امرأة أبيه كان يسمى المقتى، ومنهم الأشعث بن قيس وأبو معيط بن أبي عمرو بن أمية جد الوليد بن عقبة بن أبي معيط.