التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا 62 أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا 63}

صفحة 1611 - الجزء 2

  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الرضا بقضاء اللَّه وحكمه وحكم ما شرعه من دين الإسلام.

  وتدل على أن مَنْ لم يرض بحكمه يكفر.

  وتدل على أنه لا يجوز الحكم إلى غير اللَّه وغير رسوله.

  ويدل قوله: «يُرِيدُونَ» على أنه أراد خلاف إرادة اللَّه، وتدل على أن إرادة الضلال قبيحة؛ لذلك ذمه عليه، فتدل على أنه لا يريد الضلال.

  وتدل على أن الشيطان يضل، وأن الضلال ليس من اللَّه، فتدل على بطلان مذاهبِ الجبر في المخلوق والإرادة.

قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ٦٢ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ٦٣}

  · اللغة: المصيبة: ما يصيب الإنسان من قارعة في نفسه أو ولده أو ماله، ومنه: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ}.

  والحلف: القسم، ومنه الحِلف لتحالفهم فيه على الأمر، وحليف الجود لأنه كان كالحليف في اللزوم.

  والبليغ من البلاغة، وأصله البلوغ بلغ الرجل بلاغة إذا بلغ بعبارته كُنْهَ ما في قلبه، ويُقال: أحمق بلغ، وبلغ بفتح الباء وكسرها، وقيل: معناه إنه مع حماقته يبلغ حيث يريد، وقيل: إنه بلغ في الحماقة الغاية.

  والتوفيق: من الوفاق وهو ههنا الطاعة، وسمي بذلك؛ لأنه يريد أن يوفق بين فعله وأمر الرسول، وسمي اللطف توفيقًا؛ لأنه يوفق بينه وبين وقوع الفعل.