التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم 176}

صفحة 1843 - الجزء 3

  من النعم على المستحق «وَيَهْدِيهِمْ» يدلهم «إِلَيهِ»، قيل: إلى الله ورضاه بما بين لهم من طاعته، وبيان ما يوجب لهم رضاه، في معني قول الحسن والأصم وأبي مسلم، وقيل: إلى الجنة والثواب، عن أبي علي كأنه يرجع إلى الفضل إلى محذوف، وهو الثواب «صِرَاطًا» طريقًا «مُسْتَقِيمًا» أي: لا عوج فيه، وهو الإسلام، عن الحسن.

  وقيل: طريق الجنة، عن أبي علي.

  · الأحكام: الآية تدل على أن المعارف ليست ضرورية حتى يصح أن يكون الرسول والمعجزات براهين، والقرآن نورًا يستدل به.

  ومتى قيل: لم كرر التنبيه في قوله: «يا أيها»؟

  فجوابنا: على عادة العرب في الإفهام والمبالغة والتأكيد، وتدل على أن مجرد الإيمان لا يكفي في استحقاق الثواب حتى تنضم إليه الأعمال، فيبطل قول المرجئة.

  ومتى قيل: أليس عندكم الأعمال من الإيمان، فكيف عطف عليه؟

  فجوابنا: أن الإيمان في اللغة هو التصديق، وهو المراد بالآية، وقيل: أعاد ذكر الأعمال تأكيدًا وإزالة للتوهم.

  وتدل على أن الهداية تكون بمعنى الثواب؛ لأن الأليق بالكلام حمله عليه.

  وتدل على أن ذلك فعل العبد لذلك ألحق الوعيد بهم، وأضافه إليهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

  وتدل على أن الثواب جزاء على العمل، فيبطل قولهم.

قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ١٧٦}