التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون 182 وأملي لهم إن كيدي متين 183}

صفحة 2794 - الجزء 4

  وتدلُّ على وجوب معرفته ومعرفة صفاته؛ ليميز بين ما يحسن أن يدعوه، وبين ما لا يحسن.

  وتدلُّ آخر الآيات أن جميع الناس لا يُجْمِعُون في وقت على الضلالة، وعلى إثبات المُتَمَسِّكِينَ بالحق في كل زمان، ولا يقال: إنه قال: ممن خلقنا؛ لأن المراد قدرنا وكتبنا، فيصح حمله على كل زمان، أو يراد من خلقنا وقد ورد الخبر ما يحقق ما ذكرنا.

  وتدل على عظيم موقع الوعظ والدعاء إلى اللَّه تعالى؛ لذلك مدحهم بذلك.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ١٨٢ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ١٨٣}

  · اللغة: الاستدراج: أن تتدرج إلى الشيء قليلاً قليلاً في خفية تشبيهًا بمن يَرْقَى درجة درجة حتى ينتهي إلى العلو، وقيل: أصله من الدرج الذي يطوى فيكون لأنه يطوى منزلة بعد منزلة كما تطوى الدروج. وقيل: من الدرجة فيكون لأنه ينحط درجة بعد درجة حتى ينتهي إلى حال الهلاك، ودرج القوم مات بعضهم في إثر بعض.

  والإملاء: الإمهال، ونقيضه: الإعجال، وأصل الإملاء الاستمرار على العمل من غير لبث، من أمليت الكتاب إذا أبرزت عليه شيئًا بعد شيء، ومنه: أقام مليًا، والمُلاَ مقصور: فلاة ذات حَرّ وسَرَابٍ لا ستطالة المكث فيها، والمَلاَ والملاوة بالفتح والضم والكسر: القطعة من الدهر.