التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين 108}

صفحة 2126 - الجزء 3

  وقيل: شهادتنا وقولنا في وصية صاحبنا «أَحَقُّ» بالقبول والصدق «مِنْ شَهَادَتِهِمَا»، قيل: من يمين الوصيين، وقيل: من شهادة النصرانيين «وَمَا اعْتَدَيْنَا» أي ما جاوزنا الحق في الشهادة أو اليمين «إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ» أي لو فعلنا ذلك لكنا من جملة الظالمين.

  · الأحكام: في الآية. أحكام، واختلفوا فيه على قولين: منهم من قال: إنه ثابت غير منسوخ، ثم اختلفوا، فقال بعضهم: يحلف الشاهد الأول، فإذا ظهرت الخيانة منهم بشهادة آخرين يحلف الشاهد الثاني، ويرد على الورثة ما شهدوا به، وعلى هذا حمله جماعة، وقالوا: إنها ثابتة، وروي نحوه عن الحسن، وقال بعضهم: إنه في الوصي والورثة، والمراد بالشهادة اليمين، وأن الورثة إذا حَلَّفُوا الوصيَّ عند ارتيابهم فحلف لهم، ثم ظهرت الخيانة بِأَخْذِ مال الميت، وادعى الوصيُّ شراءَ ذلك من الميت انقلب الوصي مُدَّعيًا، والورثة مُدَّعًى عليهم فيحلف الورثة، فحملوا على هذا وهو ثابت، والقول الثاني أنه منسوخ، وهو استحلاف الشهود، وقبول شهادة الذمي، وهو الأصح، وقول ابن عباس وإبراهيم، واختيار أبي علي والقاضي.

  وتدل الآية على أن مَنِ اعتدى في الشهادة فهو ظالم.

  وتدل على أن شهادة الزور وكتمان الشهادة من الكبائر.

  وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم؛ لذلك وصفهم به، وأوجب العقاب عليهم.

قوله تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ١٠٨}