التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما 107 يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا 108 هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا 109}

صفحة 1733 - الجزء 3

  وتدل على حدث القرآن؛ لأن ما يجوز إنزاله لا يكون قديمًا، ولأنه إنما أنزله أو أنزل محله وكلاهما يوجب حدثه على أن إرادته وغرضه أن يحكم به، فيبطل قول الْمُجْبِرَة إن غرضه ألا يحكم به.

  وتدل على أن الرؤية تكون بمعنى العلم؛ لأن قوله: «أراك» علمك.

  وتدل على النهي عن الدفع عن الخائن.

  وتدل على أن مَنْ هَمَّ بشيء فهو معصية، وإن لم تكن كبيرة؛ ولذلك أوجب الاستغفار، وقد بَيَّنَّا ما قيل فيه.

قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ١٠٧ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ١٠٨ هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ١٠٩}

  · القراءة: قراءة العامة: «جادلتم عنهم» يرجع إلى الخائنين، وعن أُبَيٍّ بن كعب: جادلتم عنه يرجع إلى الخائن، وهو ابن أبيرق.

  · اللغة: المجادلة والمخاصمة والمناظرة والمحاجة من النظائر، وإن كان بينها فرق، فإن المجادلة المنازعة فيما وقع فيه خلاف بين اثنين، والمحاجة: محاولة إظهار الحجة، والمخاصمة: المنازعة بالمخالفة، والمناظرة فيها معنى النظيرين.