قوله تعالى: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب 8 ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد 9 إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار 10}
  وتدل على أن في جعل القرآن كذلك مصلحة، لذلك أنزله محكمًا ومتشابهًا، وقد قيل: الفائدة فيه الحث على النظر والمذاكرة، ولو كان جميعه محكمًا لكان طريقًا للاتكال على التقليد والعدول عن النظر.
  وتدل على عظم محل العلماء؛ لأن المراد بالراسخين بالعلم الذابين عن الدين، والرَّاديِّن على الملحدين والمبتدعين، ومن قام بنصرة الدين، ومن نظر في أخبار العلماء علم أن هذه صفة مشايخ أهل العدل كواصل وعمرو والحسن وغيلان من أوائلهم، انتصبوا للذب عن الدين في أيام بني أمية ومروان مع تدين كثير منهم بالإلحاد، وخوف هَؤُلَاءِ العلماء على دمائهم، وكأبي الهذيل الذي رد على أصناف المخالفين من الدهرية والثنوية وأهل البدع حتى قال صالح بن عبد القدوس وهو رأس في الإلحاد: لولا أبو الهذيل لخطبنا بالثنوية على المنابر، وكشيخنا أبي علي وأبي هاشم وسائر مشايخنا البصريين والبغداديين، حيث بينوا وصنفوا.
  وتدل على أن الحق يعرف بالتفكر؛ لذلك قال: «وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الألْبَابِ»، فخصهم بالذكر لأنهم المكلفون.
قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ٨ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ٩ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ١٠}
  · القراءة: · القراءة الظاهرة «تُغْنِيَ» بالتاء، وعن السلمي بالياء لتقدم الفعل، ودخول الحائل بين الاسم والفعل، وعن الحسن «يغني» بالياء وسكون الياء الأخيرة وإيثار التخفيف.
  · اللغة: في «لدن» خمس لغات: لَدُن كما في القرآن بفتح اللام ورفع الدال، ولُدُن برفعهما، ولَدَن بنصبهما، ولَدْنِ بفتح اللام وسكون الدال وكسر النون، ولَد بحذف النون.