التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين 246}

صفحة 976 - الجزء 2

  وتدل على أنه يجازي على الأعمال، وتدل على أنه يقبض ويبسط في الدنيا للمصلحة لا للاستحقاق، وأنه في الآخرة يجازي على الأعمال.

  وتدل على أنه ينبغي للعبد أن يتكل على رزق اللَّه وفضله؛ لأنه الغني الذي لا يفتقر، والجواد الذي لا يبخل، والحافظ الذي لا ينسى.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ٢٤٦}

  · القراءة: قراءة العامة «نقاتل» بالنون حكاية عنهم، وعن السلمي. بالياء كناية عن الملك.

  وقرأ نافع والحسن «هل عَسِيتُم» بكسر السين، والباقون بالفتح، وهما لغتان والأجود الفتح وهو الأكثر. قال أبو عبيدة: لو جاز ذلك لقرئ «عَسِي ربكم».

  · اللغة: الملأ: الجماعة الأشراف، والجمع المُلاء بضم الميم والمد، ولا واحد له من لفظه كالإبل والخيل والقوم والرهط، وأصله من الامتلاء وهو الاجتماع فيما لا يحتمل المزيد، وسمي الأشراف ملأ كأنه ليس على شرفهم مزيد، وقيل: لأنه يملأ الصدور هيبتهم، وقال بعضهم يوم بدر: ما قتلنا إلا عجائز صلعًا، فقال النبي ÷: «أولئك الملأ من قريش لو رأيتهم في أنديتهم لهبتهم، ولو أمروك لأطعتهم ولاحتقرت فعالك عند فعالهم».