التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون 93}

صفحة 2323 - الجزء 3

  · الأحكام: تدل [الآية] على أنه تعالى أنزل القرآن وحده، فتدل على حدثه.

  وتدل على عظم بركته، ودوام ثبوته؛ لما يتضمن من الفوائد والأمن من نسخه وتغييره.

  وتدل على أنه يصدق الكتب ولا يناقضها.

  ومتى قيل: كيف يصدقها وهو ناسخ لها؟

  قلنا: الناسخ لا يناقض المنسوخ؛ لأن المنسوخ يدل على الحكم إلى مدة، ثم يدل الناسخ على خلافه بعده، واختلاف التكليف في وقتين لا يعد ناقضًا؛ لأن المصالح تتغير، وإذا حمل على ما بينا سقط السؤال.

  وتدل على أنه مبعوث إلى الكافة؛ لأن الخلق كلهم حول مكة.

  وتدل على تفخيم شأن مكة؛ إذ سماها: أم القرى، وجعلها موضع المناسك، وقبلة الصلاة، ومنها بعث النبي ÷.

  وتدل على عظم محل الصلاة، حيث خصها بالذكر من بين سائر الشرائع.

  وتدل على أن الإيمان والمحافظة على الصلاة فعْلُ العبد، فيبطل قولهم في المخلوق.

قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ٩٣}

  · اللغة: الافتراء: «افتعال» من الفَرْيِ، وأصله: القطع، يقال: فريت الأديم أُفْرِيه فَرْيًا،