التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا يالوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب 81 فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود 82 مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد 83}

صفحة 3542 - الجزء 5

  والسيف، فيبدأ بأيسر الوجوه، فإن لم يندفع فبما يمكن، خلاف ما يقوله من يخالفنا في ذلك.

  وتدل على أنه لما لم يتمكن انقطع إلى اللَّه تعالى، فتدل على أن الواجب إذا لم يمكنه دفع المنكر، يكرهه بقلبه، ويسأل اللَّه تعالى دفعه، وينقطع إليه، فإن قوله: «أو آوي إلى ركن شديد» كلام من أيس من نصرة المخلوقين، واعتمد على ربه، [وانقطع إليه].

  وتدل على أنه عرض عليهم بناته، والظاهر أنه أراد بنات صلبه، ولا شبهة أنه لم يعرض الزنا، فلم يبق إلا النكاح، ثم يحمل على الوجهين على ما ذكرنا، وقد زوج النبي ÷ زينب من أبي العاص بن الربيع، وكان مشركًا، وزوج ابنتيه من ابني أبي لهب: عتبة وعتيبة، وهو الظاهر، وإن كان يحتمل أنه شرط الإيمان؟ على ما قاله أبو مسلم.

  وتدل على عظيم معصيتهم بإتيان الذكور، وهو كبيرة عظيمة في شريعتنا، واختلفوا، فمنهم من قال: فيه من الحد ما في الزنا، ومنهم من قال: يقتل، ومنهم من قال: ليس فيه حد معلوم، وروي أن النبي ÷ قال: «رحم اللَّه لوطًا، قد كان يأوي إلى ركن شديد، وكان له قوة بِاللَّهِ».

قوله تعالى: {قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ٨١ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ ٨٢ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ٨٣}