التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين 88 قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين 89}

صفحة 2633 - الجزء 4

  ويدل قوله: «فانتظروا» على وجوب النظر والاعتبار.

  وتدل على أن الواجب على أهل الدين عند استكثار العصاة والبغاة الصبر، وأنه - تعالى - يفصل بينهم ويجازي كل أحد منهم، وهذا الفصل أبعد غاياته الآخرة؛ لأنه ربما يكون في الدنيا، فيعذب الكفرة وينجي المؤمنين، وربما يكون في الآخرة.

  وتدل على أنه لم يكن في شريعته جهاد لذلك قال: «فاصبروا»، ولم يأمرهم بالجهاد.

قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ٨٨ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ٨٩}

  · اللغة: العود: الرجوع، وهو مصير الشيء إلى حال كان عليه مثل عاد يعود، ومنه: أعاد اللَّه الخلق، ومنه العادة؛ لأن صاحبها لا يزال معاودًا لها، ومنه: {وَلَوْ رُدُّوا لعَادُوا} ثم تستعمل في فعل الشيء مرة ثانية فهو الأصل، وفي فِعْلِ مثله؛ لأنه لا يكون، كأنه هو فجرت عليه الصفة، فالعود قد يكون رجوعًا وابتداء بمعنى صار، قال الشاعر:

  تِلْكَ الْمَكَارِمُ لَا قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ ... شِيبَا بِمَاءٍ فَعَادَا بَعْدُ أَبْوَالًا