التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد 26 ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم 27 ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير 28 ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير 29 ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير 30}

صفحة 5661 - الجزء 8

  · الأحكام: تدل الآيات على فساد التقليد، وعلى صحة الحجاج في الدين؛ لأنه تعالى بَيَّنَ أن اتِّباع الآباء بمنزلة اتِّباع الشيطان، وهذا الذي يقوله المتكلمون لو كان التقليد صحيحًا لم يكن تَقْلِيدُ وَاحِدٍ أولى من تقليد آخر.

  وتدل على أن المتمسك بالإسلام هو المتمسك بالحق الذي دل عليه الدليل.

  ويدل قوله: {وَهُوَ مُحسنٌ} أن مجرد الإسلام لا يكفي، فيبطل قول المرجئة.

  ويدل قوله: {نُمَتِّعُهُمْ} على أنه لا ينبغي أن يغتر بالدنيا، والواجب الاستعداد للآخرة.

  ويدل قوله: {لَا يَعْلَمُونَ} أن المعارف مكتسبة.

  وتدل الآيات من وجوه أن أفعال العباد فعلُهم، فيصح قولنا في المخلوق، فمنها قوله: {اتَّبِعُوا} {بَلْ نَتَّبِعُ}، {الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ}، {وَمَنْ يُسْلِمْ}، (وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ)، {وَمَنْ كَفَرَ}، {بِمَا عَمِلُوا}، {لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، وكل ذلك يدل على ما قلنا.

قوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ٢٦ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٢٧ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ٢٨ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ٢٩ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ٣٠}

  · القراءة: قرأ أبو عمرو ويعقوب: «والبَحْرَ» بفتح الراء عطفًا على محل (ما)، و (ما) في محل النصب تقديره: ولو أن البحر يمده، وقرأ الباقون بالرفع، وفيه وجهان: أولهما: