التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون 19 حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون 20 وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون 21 وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون 22 وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين 23 فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين 24}

صفحة 6182 - الجزء 9

  ويدل قوله: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} أن الهدى هو الدلالة والبيان.

  وتدل على أن المعارف مكتسبة؛ لذلك قال: {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى}.

  وتدل على أن العبد يفعل لولا ذلك لَمَا صح أن يختار شيئًا على شيء.

  وتدل على أنه يقدر على الضدين؛ لذلك صح وصفه بأنه مختار فِعْلٍ على فعل.

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ١٩ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٢٠ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٢١ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ ٢٢ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ٢٣ فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ٢٤}

  · القراءة: قرأ نافع ويعقوب: «نَحْشُرُ» بالنون «أَعْدَاءَ» بالنصب، أضاف الحشر إلى نفسه، وقرأ الباقون: «يُحْشَرُ» بالياء وضمها، «أَعْدَاءُ» بالرفع على ما لم يسم فاعله؛ لأن ذلك أفخم.

  وقراءة العامة: «يَسْتَعْتِبُوا» بفتح الياء والتاء الأولى، وكسر التاء الثانية، أي: يطلبوا العتبى، ويسترضوا «فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ» بفتح التاء، وقرأ عمرو بن عبيد: «وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا» بضم الياء وفتح التاء الأولى والثانية على ما لم يسم فاعله «فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ» بكسر التاء، يعني. إن سئلوا أن يعملوا ما يرضون به ربهم فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ أي: من القادرين على إرضائه؛ لأنهم فارقوا دار التكليف.