التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب 211}

صفحة 849 - الجزء 1

  · الأحكام: استدلت المشبهة بالآية على جواز المجيء على اللَّه، وهذا لا يجوز؛ لأنه من صفات الأجسام، وقد قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ولو كان جسمًا يأتي لكان مثلاً للأجسام، ولكان لا يخلو من دلالة الحدث من الحركات والسكنات، تعالى عن ذلك، وقد بَيَّنَّا ما قيل في معناه.

  ومتى قيل: كيف يوصف الأمر بالإتيان، وهو عَرَضٌ؟

  فجوابنا أن المراد محل الأمر، ومحتمل الأمر، ولا يقال: إنه توسع ومجاز من وجهين؛ لأن التوسع في الألفاظ أولى من إضافة التشبيه إلى اللَّه تعالى، وقد علمنا بأدلة العقل والسمع؛ إذ لا يجوز حمله على إتيانه حقيقة، والتوسع أكثر في الكلام من الحقائق.

  ومتى قيل: متى يكون هذا، في الدنيا أو في الآخرة؟

  فجوابنا: الأقرب أن المراد به في الآخرة؛ ولذلك قال: «وَقُضِيَ الأمرُ» وهذا لا يليق إلا بالآخرة.

  وتدل على أنه تعالى يأتيهم بما وعد وأوعد، عن الأصم، فيبطل قول من يُجَوِّز الخلف في الوعيد.

قوله تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ٢١١}

  · القراءة: قرأ أبو عمرو في «سل» بين الاتصال بواو أو فاء، وبين الاستئناف، وقرأ