قوله تعالى: {ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير 148}
  والأول أولى؛ لأنه يشتمل على القبلة وغيره، ولأنه لم يثبت أن أمر القبلة كان معلومًا عندهم بخلاف أمر النبي ÷ «وَهُمْ يَعْلَمُونَ» صحة الأمر الذي كتموه، وقيل: يعلمون ما على مَنْ كَتَمَ حقًّا من العقاب «الْحَقُّ مِنْ رَبّكَ» يعني هو الحق من ربك، وهو ما آتاه من الكتاب والوحي والشرائع «فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ» يعني من الشاكين، قيل: لا تكن من الشاكين أن من تقدم ذكرهم علموا صحة نبوتك وأمر القبلة، وأنهم عاندوا وكتموا، عن الحسن وابن زيد وأبي علي. وقيل: من الشاكين في أمر القبلة، وقيل: في صحة نبوتك وهو الأقرب، وقيل: فيما لزمك العلم به، واختلفوا فقيل: هو خطاب لغير الرسول؛ لأنه لا يشك، وقيل: خطاب له وإن علم أنه لا يقع منه كقوله: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} وقيل: خطاب له ولغَيْرِه جميعًا وهو الأولى؛ لأنه إنما لا يجوز عليه الشك لأنه مُنْتَفٍ عنه، عن علي بن عيسى، وقيل: يجوز أن ينهى عن القبائح، كما يجوز أن يؤمر بالواجبات وإن علم أنه يفعل، عن القاضي.
  · الأحكام: الآية تدل على قبح العناد وما يلزم كاتم الحق من الوعيد.
  وتدل على النهي عن الشك في المواضع التي يجب فيها العلم.
  وتدل على صحة أمر النبي ÷ وأمر القبلة.
  وتدل على جواز وقوع الشك من النبي ÷ وقدرته عليه، وإن علم أنه لا يقع لِوَليِّه لما نهى عنه، فتدل على أن القدرة على خلاف المعلوم جائز، وعلى ما لا يقع، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ.
قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٤٨}