التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير 110}

صفحة 548 - الجزء 1

  وتدل على بطلان قول أصحاب المعارف؛ لذلك قال: «مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ»، ولأنه خص به كثيرًا دون غيرهم.

  وتدل على جواز النسخ في القرآن؛ لأن قوله: «فَاعْفُوا» منسوخ عند جماعة أهل العلم.

  وتدل على أن هذا الصفح غير دائم لذلك علقه بِغَايَةٍ.

قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ١١٠}

  · اللغة: التقديم: نقيض التأخير.

  وبصير: يستعمل في شيئين: الرؤية بالبصر، وفي العلم.

  · الإعراب: (ما) في قوله: «وَمَا تُقَدّمُوا» ما الجزاء، وجوابه: «تَجِدُوهُ» ومثله: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا}.

  · المعنى: لما أمر اللَّه تعالى فيما تقدم بمنابذة اليهود في الدين، وبين شدة عداوتهم للمسلمين أمر بالتمسك بدين الإسلام وشرائعه مُخَالَفَةً لهم على ما بَدَرَ منهم، فقال: «وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ» أي أديموها «وَآتُوا الزَّكَاةَ» أي أعطوها الفقراء، والزكاة ما أوجب اللَّه تعالى للفقراء في مال الأغنياء «وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيرٍ» يعني من عمل صالح، وقيل: من ثواب، وقيل: من مال «تَجدُوهُ عِندَ اللَّهِ» قيل: تجدوا ثوابه معدًّا عند اللَّه، وقيل: تجدوه مستحقًّا على اللَّه أنَ يكافئه عليه، وقيل: تجدوه عند اللَّه محفوظًا مكتوبًا فيجازيه به، ولا يجوز أن يريد غير أفعالهم؛ لأن الترغيب لا يقع بوجودها، ولأن الإعادة على أفعال العباد لا تجوز.