قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8}
  على تركه، وجاز أن يبعث رسولاً يدعو إلى الكفر، ويظهر المعجز على يدي كذاب، ولأنه تنزه عن الظلم، فلو أنه أمر بالإيمان ومنع منه، ثم يعاقب عليه لما كان ظلم أعظمَ من هذا، تعالى اللَّه عن ذلك. «وَلَهُمْ عَذَاب عَظيم» قيل: عذاب النار، وقيل: في الدنيا القتل والأسر وفي الآخرة عذاب النار.
  · الأحكام: الآية تدل على أن من لا يسمع الحق ولا يعيه فهو بمنزلة من لا سمع له ولا بصر ولا قلب.
  وتدل على أنهم استحقوا العقاب لما سلف من كفرهم، وقد ذكر من لا شبهة في جهله أن قوله: {خَتَمَ} علة لقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} وهذا دعوى؛ لأن الآية وردت ذما لهم، ولو أتوا من قبله لما استحقوا الذم، ولأن عندهم أن الكفر خلقه، والإيمان خلقه، والختم هو الكفر، فكأنه قال على تأويلهم الفاسد: إن الَّذِينَ خلقت فيهم الكفر لا ينفعهم الإنذار ولا يؤمنون؛ لأني لم أخلق فيهم الإيمان، وعلى هذا كانت الآية حجة لهم، وعذرا لا عليهم.
قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ٨}
  · اللغة: الناس والإنس والبشر نظائر، واختلفوا مما أُخِذَ الناس؟ فقيل: من الحركة، يقال: نَاسَ يَنُوسَ نَوْسًا: إذا تحرك فسمي بذلك لحركته، ولذلك قال في تصغيره: نُوَيْس، ووزنه فَعَل، وقيل: أصله من الأنس، وهو أُناس على فُعال بضم الفاء، فحذفت الهمزة، فصار ناسا، وتصغيره أنيس، سمي به لأنه يستأنس به، وقيل: لأن