قوله تعالى: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور 154}
  اللَّه ÷ ورموه بالحجارة حتى هربوا «لِكَيلاَ تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ» قيل: ما فاتكم من الغنيمة وما أصابكم من الهزيمة عن أبي زيد، وقيل: لتكون حسرتكم على مخالفة النبي فقط دون ما فاتكم، وما أصابكم تقديره: ليشغلكم بحربهم عن سوء ما صنعتم عنٍ الحرب، عن الأصم، «وَاللَّهُ خَبِيرٌ» أي عليم «بِمَا تَعْمَلُونَ» أي بعملكم يجازي كلّا بما عمل، وقيل: إنه كان عليمًا بما يكون منكم فلم يبتلكم لاستفادة علم، ولكن ليظهر المعلوم ليكون الجزاء على المفعول، لا على المعلوم، في معنى قول أبي مسلم.
  · الأحكام: تدل الآية على شدة هزيمة القوم، وتدل أن ذلك كان معصية لذلك وبَّخهم به.
  وتدل أنه تعالى إنما خلى بينهم جزاء على صنيعهم فلذلك قال: «فَأَثَابَكُمْ».
  وتدل على أن حزن الإنسان يجب أن يكون لمخالفة أمر ربه، واهتمامه يجب أن يكون بأمر دينه دون ما فاته أو أصابه من الدنيا؛ لأن ذلك يسير في جنب ما يؤتيه اللَّه، إن أطاعه من الثواب، وإن عصاه من العقاب.
  وتدل أن الإصعاد فعْلُهم، وكذلك قوله: «تَعْمَلُونَ» لذلك أضافه إليهم وجازاهم عليه، وذلك يبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.
قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ١٥٤}