التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين 147 فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين 148}

صفحة 1338 - الجزء 2

  عن نصرتهم ودينهم، عن قتادة والربيع، يعني قاتلوا على ما قاتل نبيهم، وقيل: ما جبنوا، عن أبي العالية، وقيل: ما ذلوا، عن السدي، وقيل: ما خضعوا، عن مقاتل، وهو خطاب لأصحاب النبي ÷ أي هلا صبرتم على القتال لو قتل نبيكم كما صبر أولئك؛ لأنه تعالى يحب الصابرين، قيل: في الجهاد، وقيل: في طاعة ربه، وقيل: في التمسك بأمره.

  · الأحكام: تدل الآية على قوة يقين أولئك المؤمنين، وشدة بصيرتهم في الدين.

  وتدل على عظيم موقع الصبر، والحث عليه.

  وتدل على أنه يحب الصابرين، ولو كان الجزع منه كما أن الصبر منه لما خص الصابر بالمحبة، فتدل من هذا الوجه على بطلان قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق والإرادة، وجميع ما أضاف إلى الربيين في الآية، وتدل على أن ذلك فِعْلهُم، فيبطل قول الْمُجْبِرَة أيضًا.

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ١٤٧ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ١٤٨}

  · القراءة: قرأ العامة «قَوْلَهُم» بالنصب، وقرأ الحسن برفع اللام، والرفع على أنه اسم (كان) وخبره في قوله: «أن قالوا» والنصب على أنه خبر كان، والاسم في قوله: «أن قالوا» تقديره: وما كان قولهم إلا قولهم. والاختيار النصب؛ لأن ما بعد الإيجاب معرفة فهو أحق أن يكون الاسم. قال الشاعر:

  وقد عَلِمَ الأقوامُ ما كان داءَها ... بثَهْلان إلا الخِزْيُ ممن يقودُها