التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين 31 من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون 32 وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون 33 ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون 34 أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون 35}

صفحة 5620 - الجزء 8

  وتدل أن العمل بغير علم يقبح.

  وتدل على قبح التقليد.

  وتدل أن المعارف مكتسبة؛ لذلك وصف أكثرهم بأنهم لا يعلمون.

  ويدل قوله: {فِطْرَتَ اللَّهِ} أن الواجب التمسك بالدين الذي لأجله خلق الخلق، وهو الإسلام، ويبطل قول الْمُجْبِرَةِ: إنه خلق بعض الخلق لذلك.

  وتدل على أن هذه الفطرة لا تختلف بالأوقات؛ فلذلك قال: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}؛ فلهذا نقول: إن المراد به التوحيد والعدل، دون الشرائع التي يقع فيها التبديل والتغيير.

قوله تعالى: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ٣١ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ٣٢ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ٣٣ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ٣٤ أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ ٣٥}

  · القراءة: قرأ حمزة والكسائي: «فارقوا دينهم» أي: تركوا دينهم، وقرأ الباقون: {فَرَّقُوا دِينَهُمْ} أي: جعلوا ذلك [أديانا مختلفة].

  والقراءة الظاهرة: {فَتَمَتَّعُوا}، وفي مصحف ابن مسعود: «وليتمتعوا».

  · اللغة: الإنابة: أصله القطع، ومعناه: الانقطاع إلى الله تعالى بالطاعة، وقيل: أصله ناب ينوب: إذا رجع مرة بعد مرة، فتكون الإنابة التوبة التي فعلوها مرة بعد مرة.