التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون 96}

صفحة 2092 - الجزء 3

  وتدل الآيات على تحريم قتل صيد الحرم على المحرم، وتدل على أن قتل العمد يوجب الكفارة، وقد بَيَّنَا ما قيل فيه، والظاهر أنه يتعمد القتل وهو ذاكر للإحرام؛ لأنه إذا كان ساهيًا لم يصح كونه منهيًّا، ويدل قوله: «لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ» على ذلك؛ لأنه يصح في المتعمد.

  وتدل الآية على جواز التعبد بالاجتهاد.

  وتدل على تصويب المجتهدين؛ لأن العدلين إذا اختلفا في الجزاء يصوب كل واحد منهما.

  وتدل على جواز تعليق الأحكام بغالب الظن.

  وتدل على جواز رجوع العامي إلى العالم، كما جاز الرجوع إلى العدلين، وتدل على أن الواجب الرجوع إلى العدلين في هذه القضية.

  وتدل على أنه متى وقع التنازع في شيء يرجع إلى أهل البصر.

  ويدل قوله: «فَيَنتَقِمُ» أن الجزاء لا يسقط العقاب ما لم يتب.

  وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم؛ لأن قوله: «لاَ تَقْتُلُوا» «وَمَنْ قَتَلَهُ» و «يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ» وقوله: «لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ» وقوله: «وَمَنْ عَادَ» كل ذلك يدل على بطلان قولهم في المخلوق والاستطاعة.

قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ٩٦}

  · اللغة: البحر معروف، والعرب تسمي النهر الكبير بحرًا، غير أن الأغلب على البحر ما