قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين 119 ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين 120 ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون 121}
  الثاني: قبل توبتهم ليتمسكوا بها في مستقبل أوقاتهم.
  الثالث: قبل توبتهم ليرجعوا إلى حكم حد الرضا عنهم كما كانوا بين المؤمنين قبل مهاجرتهم.
  الرابع: ثم أنزل قبول توبتهم ليتوب المؤمنون من ذنوبهم جميعًا، عن أبي علي.
  ومتى قيل: هل كانت هجرتهم وترك مكالمتهم عقوبة لهم؟
  قلنا: لا، لظهور توبتهم، لكن تشديدًا للمحنة، وليبادر غيرهم فلا يتخلفوا عن رسول اللَّه، فيكون لطفًا، وهذا كما يكون في إقامة الحد على التائب.
  «إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ» كثير قبول التوبة «الرَّحِيمُ» بعباده.
  · الأحكام: تدل الآية على اجتهادهم في التوبة، وإخلاصهم فيها، وشدة تحققهم بالدين.
  وتدل على أنه تعالى قَبِلَ توبتهم.
  وتدل على أن ذلك التخلف كان فعلهم، وكانوا قادرين على الخروج، لولا ذلك ما اشتد غمهم وحسرتهم، ولا عاقبهم اللَّه تعالى؛ فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق والاستطاعة.
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ١١٩ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ١٢٠ وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٢١}