التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين 50 الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون 51}

صفحة 2578 - الجزء 4

  وبذلك فهو يدل أنهم شهداء على أهل النار بأنهم استكبروا عن قبول الحق، وأنهم حلفوا بالباطل.

  فهو يدل على أن المخاطبين هم القادة والسادة؛ لأن الجمع إنما يكون لهم.

  وتدل على أنه - تعالى - أمرهم بدخول الجنة تكذيبًا للكفار سواء حمل على أنه كلام أهل الجنة أو كلام أهل الأعراف أو من كلام اللَّه تعالى؛ لأن جميع ذلك من جهته بإذنه، وأولى الأقاويل بالصحة قول أبي مسلم أن جميع ذلك كلام أصحاب الأعراف؛ لأن ذلك نسق الكلام، ولأن أهل الجنة قد دخلوا الجنة، فلا يؤمرون بالدخول، ولم يَجْرِ كلام لأهل الجنة، فوجب حمله على ما قال.

قوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ٥٠ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ٥١}

  · اللغة: الإفاضة: إجراء. الماء من علٍ، فاض الماء يفيض فيضًا، وأفاض إناءه: ملأه حتى فاض، وأفاض دموعه، وأفاض القوم من عرفة إلى مزدلفة: صاروا إليها، وأفاضوا في الحديث: اندفعوا فيه، أي أجروه بينهم من أوله؛ لأن أوله بمنزلة أعلاه، والفيض: الموت، وقيل: أصله الإفاضة سرعة الركض، وحديث فاض ومستفاض ومستفيض: أي جارٍ بين الناس، قال الفراء: طيء تقول: فاظتْ نفسه بالظاء، وقيس تقول: فاضت نفسه بالضاد.

  والتحريم: أصله المنع، ومنه: الحرام، والحَرَم، والمحرم، والإحرام، والحريم.