قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون 158}
  تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَينَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ» يعني أهدى إلى الحق من الطائفتين وأصوب قولاً منهم «فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ» أي: حجة وبيان وهو القرآن «مِنْ رَبِّكُمْ» أي: هو كلامه أنزله على بينة «وَهُدًى» أي: يهتدي به الخلق إلى الجنة الدائمة، والثواب العظيم. «وَرَحْمَةٌ» أي: نعمة لمن اتبعه وعمل به «فَمَنْ أَظْلَمُ» أي: أشد عدوانًا، وأخطأ فعلاً «مِمَّنْ كَذَّبَ» جحد «بِآيَاتِ اللَّهِ» يعني القرآن، ومن أتى به، وهو محمد ÷ «وَصَدَفَ عَنْهَا» أي: أعرض عنها مكذِّبًا، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي «سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا» أي: يعرضون عن حججنا مكذبين لها «سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ» أي: أعرضوا عن محمد ÷ والقرآن وخالفوهما.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه أنزل الكتاب لطفا قطعًا للعذر، وإزاحة للعلّة، وأنه لو لم ينزل لكان لهم حجة، وإذا كان مَنْعُ اللطف عذرًا فمنع القدرة أولى، وخَلْق الكفر أحق، وتدل على أن أهل الكتاب طائفتان دون المجوس على ما يقوله أبو حنيفة، خلاف ما يقوله الشافعي، وتدل على وجوب اتباع القرآن، والتحذير عن الإعراض عنه، وتدل على أنهم استحقوا العذاب على إعراضهم، خلاف ما يقوله قوم: إن العذاب لا يستحق على الأعمال، وتدل على أن التكذيب أعظم الذنوب؛ لأنه كُفْرٌ، وتدل على أن من أعرض عن الدليل بترك النظر حتَّى لا يعلم معالم دينه فهو كافر، فتدل على أن المعارف مكتسبة، وتدل على أن الإعراض فِعْلُهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ.
قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ١٥٨}