التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين 13 قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين 14 ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم 15}

صفحة 3044 - الجزء 4

  يَنْتَهُونَ» أي قاتلوهم راجين انتهاءهم، عن أبي مسلم. وقيل: لينتهوا، عن أبي علي.

  وقيل: ينتهوا عن الطعن في دينكم، وقيل: عن الكفر، وقيل: عن سوء طريقتهم، وقيل: قاتلوهم لعل غيرهم ينتهي إن لم ينتهِ هَؤُلَاءِ، ذكره الشيخ أبو حامد، وهذا تعسف في التأويل.

  · الأحكام: تدل الآية على أن أخذ العوض في ترك الدين مما يعظم في الإثم ومن أكبر الكبائر.

  وتدل على أنه يقبل توبة الكافر، ولا ذنب أعظم منه، فغيره أولى أن تقبل التوبة فيه.

  وتدل على أن مجرد الندم لا يكفي ما لم يقترن إليه أداء الشرائع.

  وتدل على أنه متى فعل ذلك صار أخًا للمؤمنين، والمراد بذلك ثبات الموالاة.

  ويدل قوله: «وإن نكثوا» أن مع بقائهم على العهد لا يحل قتالهم، وقد بَيَّنَّا أن من مذهب أبي علي والقاضي أن نقض العهد لا يجوز، إذا رأى المصلحة فيه، في نبذ إليهم.

  وتدل على إباحة قتالهم إذا طعنوا في الدين؛ لأن ذلك نقض للعهد، ولهذا قالوا: من صرح بالرد على النبي أو شتمه أو عاب دينه كان ناقضًا للذمة.

  وتدل على أن القتال يجب لينتهوا، فيدل على أن من يرجى إسلامه لا يقتل، وأن المرتد يستتاب وَيُتأَنَّى في قتله، وقيل: لا تجب الاستتابة والمهلة، اختلف العلماء فيه، فمنهم من يوجبه، ومنهم من يقول: هو مندوب.

قوله تعالى: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ١٣ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ١٤ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ١٥}