التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون 110}

صفحة 2363 - الجزء 3

  تقديره: وما يشعركم أنهم يؤمنون أم لا يؤمنون، فحذف لدلالة الكلام عليه، كقوله: {تَقِيكُمُ الحَرَّ} «أَنَّهَا» يعني الآيات «إِذَا جَاءَتْ» هو توسع؛ لأن المجيء لا يجوز عليها، والمراد فعلها اللَّه تعالى «لا تؤمنون» بالتاء خطاب للكفار، وبالياء حكاية عنهم للمؤمنين «لاَ يُؤْمِنُونَ» قيل: قطع على أنهم لا يؤمنون، وقيل: الشك يرجع إلى المخاطب علي ما تقدم من الوجهين.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الصلاح في الآيات لا يقف على اختيار العبد، بل على ما يعلمه من المصلحة.

  وتدل على أن ما سألوه، لو علم أنهم يؤمنون عنده لفعله؛ لأنه نبه [أنه] إنما لم يفعل؛ لأنهم لا يؤمنون.

  وتدل على أن المعرفة مكتسبة، وإلا لم يكن للآيات، وذكرها تأثير.

  وتدل على أن كل آية اقترحوا فهي مقدور له؛ لأنه تعالى قادرٌ لذاته، فيقدر على كل ما يصح أن يكون مقدورًا له.

  ومتى قيل: فهل سأل اللَّه تعالى ذلك؟

  قلنا: روي أنه سأل على ما ذكرنا في النزول، والصحيح فيه أنه لم يسأل؛ لأن الأنبياء لا يسألون إلا عن إذن، فإذا أذن وسأل فلا بد أن يجيب دعوتهم، وإلا أدى إلى التنفير، وألَّا يكون في الإذن والدعاء فائدة، وإن ثبت أنه سأل فلا بد أن يكون شرط الصلاح؛ لأنه حينئذ يكون مأذونًا له فيه.

قوله تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١١٠}

  · القراءة: · القراءة الظاهرة: «نقلب»، «ونذر» بالنون فيهما على الإضافة إليه تعالى، وعن