التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب 212}

صفحة 852 - الجزء 1

  · الأحكام: الآية تدل على بطلان مذهب الجبر من وجوه:

  منها: قولهم: ليس لله على الكفار نعمة، وقد بَيَّنَ تعالى أنهم غيروا نعم اللَّه تعالى كما نطق بها آياتٌ أخر، كقوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} ونحو ذلك.

  ومنها: أنه أضاف التبديل إليهم، ولو كان خلقًا له لكان إضافته إليه - أولى، فيبطل قولهم في المخلوق.

  ومنها: أنه أوعدهم عليها بالعقوبة، ولو خلقه فيهم لما استحقوا العقوبة، كما لا يستحقونه على طولهم وألوانهم وهيئاتهم.

  وتدل على بطلان قول أصحاب المعارف؛ لأنه آتاهم الآيات، ووصفها بأنها بينة ثم وصفهم بالتبديل، ولو كانت المعارف ضرورية لما صح شيء من ذلك.

  وتدل على أن تبديل الآيات مع وضوحها ممكن؛ فلذلك ذمهم، وأوعدهم على ذلك، ووجه التبديل أن يحرفه أو يكتمه أو يتأوله على خلاف جهته، كما فعلوه في التوراة والإنجيل، وكما يفعله مبتدعة الأمة، وأهل الأهواء في القرآن.

قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ٢١٢}

  · القراءة: · القراءة الظاهرة: «زُيِّنَ» بضم الزاي على ما لم يسم فاعله، وعن مجاهد «زَيَّنَ» بفتح الزاي، ولا يجوز القراءة به؛ لأنه خلاف المنقول الظاهر.