التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون 100 تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين 101 وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين 102}

صفحة 2649 - الجزء 4

  وتدل على أن الإيمان قد يقتضي الإسباغ، ونعم الدنيا وهي بركاتها حتى يكون طلعًا على الإيمان وترغيبًا فيه وتحذيرًا من تركه.

  ومتى قيل: هذه البركات هل هي ثواب أم لا؟

  قلنا: لا؛ لأن الثواب ما يكون مع التعظيم، ولكن من باب التفضل والمصلحة.

  وتدل على أن التكذيب يوجب العقوبة وأنه قد تعجل بعضها.

  وتدل على أن الإيمان والكفر فعل العبد؛ ليصح الوعد والوعيد، فيبطل قول الْمُجْبِرَة في المخلوق.

  وتدل على أنهم قادرون على الإيمان لولاه لما صح أن يقال: لو فعلوه، كما لا يقال للعاجز: لو فعل كذا كان كذا، فيبطل قولهم في هاتين المسألتين للاستطاعة.

  وتدل على أن أحدًا لا يؤخذ إلا بذنبه، وأن العقوبة جزاء الأعمال، فيبطل قولهم في هاتين المسألتين.

  وتدل على وجوب التدبر في أحوال الأمم كي يحذر ما فعلوا، فلا يستحق العذاب.

  وتدل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يأمن التدبير ويعمل بين الخوف والرجاء، فهذه عادة المؤمن.

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ١٠٠ تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ١٠١ وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ١٠٢}