قوله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير 28 قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير 29}
  وتدل على أن نعمه تعالى سابغة على المطيع والعاصي، والمؤمن والكافر، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ: إنه لا نعمة على الكافرين.
  ويدل قوله: «بِيَدِكَ الْخَيرُ» على وجوب إضافة كل خير إليه، ومن أقوى النعم ما يحصل من الإيمان والطاعة من حيث مكن وهدى وأزاح العلة، وسهل السبيل ولطف، فأما نفس الإيمان والطاعة ففعل العبد، فكل نعمة منه إما بأن فعلها أوْ فعل سببيا أو التمكن منها.
  ومتى قيل: لم خص الخير، وقد يفعل الأمراض والشدائد؟.
  فجوابنا: لأن جميع ذلك من باب الخير من حيث يعوض عليها ويكون لطفًا، وإنما لم يذكر العقوبات واللعن والإهانة؛ لأنَّهُ قصد ذكر ما يرغب به في المسألة، ويقع عنده التضرع.
  ويدل قوله: «تُولِجُ» على تدبير عظيم في تمام فصول السنة وتحصيل النماء والخير على ما نشاهده، وعلم الحساب والتواريخ.
  وتدل أنه في الآخرة يرزق بغير حساب، ولا يجوز حمله على الدنيا؛ لأنه ثبت أنه يحاسب عِلى الجميع ثم يعاقب على الحرام.
قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ٢٨ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢٩}
  · القراءة: قرأ الكسائي: «تقاة» بالإمالة، وقرأ نافع وحمزة بين التفخيم والإمالة، وقرأ الباقون بالتفخيم، وهو الاختيار من أجل الحرف المستعلي وهو القاف، وإنما جازت الإمالة ليوزن أي الألف من الياء، وقراءة العامة «تُقَاة» بضم التاء وتخفيف التاء، وقرأ مجاهد والحسن ويعقوب: «تَقِيَّة» بفتح التاء وتشديد الياء وكسر القاف.