التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا ياموسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون 22 قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين 23 قالوا ياموسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون 24}

صفحة 1925 - الجزء 3

  يهوذا، وعصى العشرة، فأخبروا بذلك، وفشا الخبر في الناس. وقيل: كتم خمسة وأظهر الباقون، فجبن الناس وثقلوا، وشجعهم الاثنان، ووعظاهم فلم تنجع فيهم موعظة، فرفعوا أصواتهم بالبكاء، وقالوا: إن دخلنا عليهم يكون نساؤنا، وأهالينا غنيمة لهم، وهموا بالانصراف إلى مصر، وهموا بيوشع وكالب، وأرادوا أن يرجموهما بالحجارة، وغضب موسى، وقال: {لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي}، وأوحى اللَّه تعالى إليه أنهم يتيهون في الأرض أربعين سنة، وأنه يخرج منه من لم يعص اللَّه، فبقوا في التيه أربعين سنة في ستة عشر فرسخًا، وقيل: تسعة فراسخ، وقيل: ستة، وهم ستمائة ألف مقاتل، لا تنخرق ثيابهم وتثبت معهم، وينزل عليهم المن والسلوى، ومات النقباء غير يوشع وكالب، ومات أكثرهم، ونشأ ذراريهم، فخرجوا إلى حرب أريحا، وفتحوها، واختلفوا فقيل: فتحها موسى ويوشع على مقدمته، وقيل: فتحها يوشع بعد موت موسى، وكان وَصِيَّ موسى، وبعثه اللَّه نبيًا، وقيل: كانوا في المحاربة، وغابت الشمس، فدعا يوشع فرد اللَّه تعالى الشمس حتى فتحوا أريحا، وقيل: كان وفاة موسى وهارون @ في التيه، مات هارون قبل موسى، عن عمرو بن ميمون. وقيل: كان عُمْرُ موسى مائة وعشرين سنة في ملك أفريدون ومنوجهر، وكان عمر يوشع مائة وستة وعشرين سنة، بقي مدبرًا لأمر بني إسرائيل سبعًا وعشرين سنة.

قوله تعالى: {قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ٢٢ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ٢٣ قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ٢٤}