قوله تعالى: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم 179}
  والثاني: من جهة العبد، وهو أن يطيع ربه وينقاد لأمره، فإذا لم يحصل ذلك من العبد جاز أن يقال: إنه ليس بخير له، وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: ما من نفس برة ولا فاجرة إلا والموت خير لها، أما الفاجرة فيستريح ويستراح منه، وقرأ «ولا تحسبن» الآية، وأما البرة فقرأ {وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيرٌ للأَبرَارِ} وروي نحوه عن ابن عباس.
  وتدل على فساد قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق؛ لأنه أضاف ازدياد الإثم إليهم، وكذلك أضاف الحسبان إليهم، ولا يقال: إن اللام في قوله: «ليزْدَادُوا إِثْمًا» لام الإرادة؛ لأنه لو أراده منهم لكانوا مطيعين له، ولأن إرادة القبيح قبيحة، وقد قال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ثم على مذهبهم كان ينبغي أن يقال: إنما نملي لهم لنزيدهم كفرًا بأن يُخلق فيهم.
قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ١٧٩}
  · القراءة: قرأ حمزة والكسائي ويعقوب «يُمَيِّزَ» بالتشديد وضم الياء الأولى، وفتح الميم، وكسر الياء الأخيرة، وكذلك في الأنفال، والباقون «يَمِيزَ» بالتخفيف وفتح الياء الأولى، وكسر الميم، وسكون الياء الأخيرة، وهو لغتان: مَازَهُ يَمِيزُهُ، ومَيَّزَهُ يُمَيِّزُهُ.
  · اللغة: قال الخليل: أماتت العرب الفعل من (ذَرْ)، في الماضي، فلا يكادون يقولون: وَذَرْتُهُ، وإنما يستعملونه في المستقبل والأمر والنهي يقال: لا تذر وذر ولا يذر، وقد جاء في كلام العرب في حديث بدر في صفة علي: «وما ودع ولا وذر ولا