التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا 171}

صفحة 1835 - الجزء 3

قوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ١٧١}

  · اللغة: الغلو: مجاوزة الحد، ومنه غلا السعر غلاء: إذا جاوز الحد المعتاد، وغلا فلان في الأمر غلوًّا، إذا جاوز الحق فيه، ومنه سُمِّيَ الغُلاةُ غلاة، وهم من الرافضة، وغلا سهمه غلوًّا: إذا رمى به أقصى الغاية، وتغَالى الرجلان: تفاعلا من ذلك، وتغَالى البيت: ارتفع، وغلت الدابة في سيرها، والغلو أن يمر على وجهه جامحًا.

  والكلمة: الكلام، والوكيل: القائم بالأمر والمدبر له بالتفويض إليه، والوكيل: الحفيظ أيضًا.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في فرق النصارى من النسطورية واليعقوبية والملكية في قولهم بالتثليث، على اختلاف بينهم في ذلك.

  وقيل: في اليهود والنصارى لغلو الفريقين في أمر عيسى #، عن الحسن.

  · المعنى: ثم عاد إلى حِجَاجِ أهل الكتاب، فقال سبحانه: «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ» قيل: إنه خطاب لليهود والنصارى، ونهي عن الغلو، عن الحسن؛ لأن النصارى غلت في المسيح وجعلوه إلهًا، وجاوزوا به منزلة الأنبياء، واليهود غلت فيه حتى قالوا: ولد لغير