التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما 17 وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما 18}

صفحة 1493 - الجزء 2

  أولها: أن في شهادة الزنا يشترط أربعة رجال، وهذا ثابت لا تقبل شهادة النساء، ولا الشهادة على الشهادة، ولا كتاب القاضي، ولا أقل من أربعة.

  وتدل على أن الحد يقيمه من يتولى سماع الشهادة، وأن الحد يقام بعد الشهادة.

  وتدل على أن الأذى إن حمل على التعيير والذم فلا نسخ فيه، وإن أُرِيدَ به الضرب بالنعال فهو منسوخ، وإن كان لا تنافي بينهما، إلا أن الإجماع حصل على نسخه.

  ومنها: الحبس، وذلك أيضًا منسوخ عند أكثر العلماء، ويحتمل أن يحمل الأذى على الحد والحبس على السجن، فلا يكون فيه نسخ.

  وتدل الآية أن التوبة تؤثر في إزالة العقاب والذم.

  وتدل أن من شرط التوبة أن يقترن بها الصلاح، والقيام بالواجب.

  وتدل أن الفاحشة والتوبة فعل العبد، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ١٧ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ١٨}

  · اللغة: الجهالة أصله من الجهل، وهو اعتقاد الشيء على ما ليس به.

  وأصل التوبة الرجوع، وسمي بذلك لأنه رجوع إلى الندم، والتوبة: الندم على ما فات والعزم على ألا يعود إلى أمثاله.

  وأصل أَعْتَدنا: أعددنا، وقيل: التاء بدل من الدال، وقيل: هو فعلنا من العتاد، ومعناه أعددنا، وعتاد الرجل عُدَّتُهُ، وهو الأصل، والشيء العتيد: المُعَدُّ لأمرٍ.