التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم 21 أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين 22}

صفحة 1124 - الجزء 2

  «فَإِنَّمَا عَلَيكَ الْبَلاَغُ» عليك تبليغ الرسالة فقط، وليس عليك قبولهم، وألا يتولوا «وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعبادِ» قيل: عالم بمن يقبل منهم، ومن لا يقبل، وقيل: عالم بجميع أحوالهم، وقيل: عالم بأنك قد بلغت وأنهم تولوا، عن الأصم.

  · الأحكام: تدل الآية على جواز المحاجة في الدين وبطلان التقليد؛ لأنه تعالى أمر عند محاجة القوم بالجواب، ووجه الاحتجاج في قوله: «أَسْلَمْتُ» من وجهين:

  أحدهما: ذكر الأصل الذي يلزم الكل الإقرار به من حيث دلت الحجج عليه.

  والثاني: إلزامهم ما أقروا به من أن اللَّه تعالى خالقهم، فيلزمهم اتباع أمره، فلذلك قال: «أَسْلَمْتُ» انقدت لأمره بإخلاص التوحيد له.

  وتدل على أن من لم يكن مسلمًا نفسه لله لا يكون متبعًا له، فمن هذا الوجه تدل على أن الفاسق غير متبع له مطلقًا.

  وتدل على أن أهل الكتاب والأميين بالكفر سواء، وأن جميعهم يلزمهم الإيمان.

  وتدل على أن الإسلام ينطلق على العلم والعمل؛ لأنه لا يكون مهتديًا إلا بالأمرين.

  والآية تدل [على] أنه بالإسلام يصير [الإنسان] مهتديًا.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٢١ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ٢٢}

  · القراءة: قرأ حمزة: «يقاتلون الَّذِينَ» بالألف، وقيل: إنما قرأها اتباعًا لمصحف عبد اللَّه، لأن فيه بالألف، وتقديره: يقتلون النبيين، وقد قاتلوا الَّذِينَ يأمرون، لأنه لا يجوز