التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا 117 لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا 118 ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا 119 يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا 120 أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا 121}

صفحة 1747 - الجزء 3

  وتدل أن المراد بالإيمان ما يظهر منه؛ لأن ما وراء ذلك لا يعلم، ولأنه لو كان المراد حقيقة لم يجب اتباعهم إلا بعد العلم بحقيقة إيمانهم، ولأن الإيمان يجب اتباعه كان سبيلاً لغيره أم لا.

  وتدل أنه لا يغفر الشرك، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وقد بينا أن الآية مجملة؛ لأنه علق المغفرة بالمشيئة، وبَيَّنَا ما قيل فيها.

قوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا ١١٧ لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ١١٨ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ١١٩ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ١٢٠ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ١٢١}

  · القراءة: · القراءة الظاهرة «إلا إناثا» جمع أنثى، وفي الشواذ عن بعضهم: (أنَثًا)، جمع إناث كثمار وثمر، وروي أنه كان في مصحف عائشة: (إن يدعون إلا أوثانًا): جمع وثن، وروي عن ابن عامر: (إلا أُثُنَا) فكأنه جمع وثن على أن أصله كان وثنا، فقلبت الواو همزة بمنزلة «وإذا الرسل أقتت، ووقتت»، «وأُجُوه ووجوه»، وهذه روايات لا يجوز القراءة بها، ولا يثبت بمثلها القرآن، وإنما هو بالشائع والمستفيض الذي نقله الخلف عن السلف.

  · اللغة: المَرِيد والمارد والمتمرد بمعنًى، وهو العاتي الخارج عن الطاعة، وأصله