التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون 90 فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين 91 الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين 92 فتولى عنهم وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين 93}

صفحة 2638 - الجزء 4

  واقض، عن ابن عباس والحسن وقتادة والسدي. وقيل: افصل، عن المؤرج «بَيْنَنَا وَبَينَ قَوْمِنَا» هَؤُلَاءِ الكفرة «بِالْحَقِّ» وقيل: [هذا] منه انقطاع إلى اللَّه - تعالى - وإن كان سؤالاً بما يفعله لا محالة، وقيل: قاله تعريفًا للحق وإظهاره؛ لأن المبطل لا يستدعي الحكم على نفسه، وقيل: استعجالا للنصر «وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ» أي: الحاكمين والفاصلين.

  · الأحكام: يدل قوله: «لنخرجنك»، «أو لتعودنَّ» وجوابه على أن ذلك فعلهم وأنهم قادرون عليها، فيبطل مذهب الجبر في المخلوق والاستطاعة.

  ويدل قوله: «قد افترينا» على أن الذي طلبوه من شعيب أَمْرٌ عُرِفَ بطلانه، لولا ذلك لما كان افتراء.

  وقوله: «وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ» يدل على أنه متى شاءه كان لهم العود، ولا خلاف أنه ليس لأحد أن يعود في الكفر، فيبطل قولهم في الإرادة.

  ويدل قوله: «عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا» أنهم لقوا الأذى بين قومهم، فانقطعوا إليه تعالى، وتوكلوا عليه في دفع شر أولئك الكفرة الفجرة، ولو كان اللَّه - تعالى - خلق ذلك الشر وأذى المؤمنين ما كان للانقطاع إليه والتوكل عليه معنًى منه ومن جهته، جميع ذلك يدل على بطلان مذهبهم في المخلوق.

قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ٩٠ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ٩١ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ ٩٢ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ ٩٣}