التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب 21 إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط 22 إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب 23 قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب 24 فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب 25}

صفحة 5982 - الجزء 8

  عنده، ويحتمل أنه تعالى حشرها عنده معجزة له «كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ» راجع إلى ما يريد، مطيع له، يعني: الطير والجبال «وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ» بنيناه وقويناه، قيل: بالجنود والهيبة وكثرة العدد والعدة، قال ابن عباس: كان أشد الملوك سلطانًا، وكان يحرس محرابه كل ليلة ثلاثة وثلاثون ألف رجل «وَآتَينَاهُ الْحِكْمَةَ» قيل: النبوة، وقيل: الإصابة في الأمور، وقيل: العلم بِاللَّهِ وشرائعه، عن أبي علي، وأبي العالية. «وَفَصْلَ الْخِطَابِ» قيل: كيفية القضاء بين الناس وإصابة الحق فيه، فكان لا يقف في شيء، عن ابن مسعود، والكلبي، والحسن، ومقاتل. وقيل: هو (البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)، عن علي #، وكعب، وشريح، ومجاهد، وعطاء. وقيل: البيان الكافي في إقامة الحجة على من خالفه في الدين، عن أبي علي. وقيل: كان يقول: أما بعد، وقيل: كان لا يدخل خِطَابَهُ لغو ولا هزل.

  · الأحكام: الآية تدل على عظم محل داود # وما أنعم الله عليه دينًا ودنيا.

  وتدل على كثرة عبادته مع عظيم ملكه.

  وتدل على معجزاته.

  وتدل على أنه أعطاه العلم بأمر الدين والدنيا حتى تمكن من فصل القضاء والاحتجاج على المخالفين.

  وتدل على فضل العلم.

قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ٢١ إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ ٢٢ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ٢٣ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ٢٤ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ٢٥}