قوله تعالى: {فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب 37}
  وتدل على أن وسوسته أبلغ تأثيرًا في الأنثى، فلذلك قدم ذكرها وخصها بالاستعاذة.
  وتدل على فضيلة مريم، وقيل: إنه تعالى لم يذكر امرأة في القرآن غير مريم تعظيمًا لها وتشريفًا.
قوله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ٣٧}
  · القراءة: قرأ عاصم وحمزة والكسائي «كَفَّلَهَا» بالتشديد، ثم اختلفوا في «زكريا» فقرأ عاصم في رواية أبي بكر بالمد والنصب، وقرأ حمزة والكسائي مقصورا، ومحله نصب، وهي رواية حفص عن عاصم، وتقديره: فضمنها اللَّه زكريا، وقرأ الباقون «كَفَلَهَا» بالتخفيف «زكريا» بالمد والرفع على معنى ضمها زكريا إلى نفسه، وهو الاختيار، ولأنه أشكل بقوله: «أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ» وعليه أكثر الأئمة، وعن ابن كثير في رواية «كَفِلَهَا» بكسر الفاء، أي ضمها إلى نفسه، يقال: كَفِلَ بكسر الفاء فهو كفيل، على مثال سَمِعَ فهو سميع وكَفَلَ بالفتح فهو كافل كقتل فهو قاتل، والمد والقصر في زكريا لغتان.
  · اللغة: التَّقَبُل: تَفَعُّلٌ من القبول، يقال: قبلت الشيء أقبله إذا رضيته، والقبيل الكفيل، وذكر التقبل، ثم ذكر المصدر من القبول دون التقبل؛ لأن فيه معنى قَبِلَهَا، كقوله: {أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} ولم يقل إنباتا، ويُقال: كلمت فلانًا كلامًا.