قوله تعالى: {إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين 196 والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون 197 وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون 198}
  ثم زاد في تهجين حالهم وكمال الحجة عليهم، فقال سبحانه: «قُلِ» يا محمد «ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ» يعني الأوثان لينصروهم. «ثُمَّ كِيدُونِ» بأجمعكم أي: امكروا بي «فَلا تُنْظِرُونِ» أي: لا تؤخروني لتعلموا أن كيدكم لا يضرني، ومكركم لا يلحقني؛ لأنه - تعالى - يدفعه عني، وقيل: دلهم - لضعفهم وضعف معبودهم - على فساد عبادتهم عن أبي علي. وقيل: خوفوه بآلهتهم فأجابهم بذلك، عن الحسن.
  · الأحكام: تدل الآية على جواز الحجاج في الدين.
  وتدل على أن من لا يسمع ولا يبصر، ولا ينفع ولا يضر لا يُعْبَدُ.
  ومتى قيل: وجب أن يكون للمعبود هذه الحواس؟
  فجوابنا أنها وردت في الأجسام، فأما القدير سبحانه فليس بجسم فيدرك لا بحاسة، وقيل: إنه نبه بذلك على أنه لا يسمع ولا يبصر، فذكر الجوارح تنبيهًا. وقيل:
  نبه على تفضيل العابد على المعبود.
  وتدل على أن الدعاء والضلال فعلهم؛ لذلك وبخهم.
قوله تعالى: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ١٩٦ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ١٩٧ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ١٩٨}
  · القراءة: قرأ يعقوب وأبو بكر عن عاصم «إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ» بالإظهار، والباقون بالإدغام، وروي عن أبي عمرو بياء واحدة مشددة، وقد اجتمعت ثلاث ياءات ولم يجز مثل ذلك في تصغير عطا؛ لأن الياء الأخيرة بمنزلة المنفصلة إذ هي للإضافة، وليس كذلك عُطَيّ؛ لأنها أصلية، فلا يجور إلا الحذف.