التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 217}

صفحة 869 - الجزء 1

  الغنيمة في الدنيا، والثواب في الآخرة «وَاللَّهُ يَعْلَمُ» يعني من مصالحكم وتدابيركم، وما فيه منافعكم «وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» فبادروا إلى أمر من يعلم المصالح وإن شق عليكم.

  · الأحكام: الآية من أقوى الدلالات في وجوب الجهاد، ثم اختلفوا فمنهم من قال: هي ناسخة لقتالهم إذا قاتلونا، وفي الشهر الحرام والحرم، ومنهم من قال: ليس بناسخ؟.

  إذ لا تنافي بين الحكمين.

  وتدل على أن الإنسان قد يكره ما فيه صلاحه، ويحب ما فيه فساده، وأنه تعالى يدبر عباده على حسب علمه، لا على حسب مرادهم، وقد بينا معنى الكراهة.

  وتدل على أن التعبد بالجهاد وغيره لطف، وأنه يجب علينا وإن كان فيه مشقة.

قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٢١٧}

  · اللغة: الشهر الحرام: سمي حرامًا؛ لأنه يحرم فيه ما يحل في غيره من القتال ونحوه، وقيل: لعظم حرمته، وأصل الحرمة المنع، ومنه الحَرَمُ.

  والاستطاعة والقدرة نظائر، وهو عرض يصير به الإنسان مستطيعًا للفعل.

  ولا يزال وما زال الشيء: دام، وأصله من الزوال.

  والحبوط: بطلان العمل، يقال: حبط عمل الرجل، وأصله الحَبَط، وهو فساد