التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا 88 ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا 89}

صفحة 4296 - الجزء 6

  وذكر أبو علي أن السؤال وقع عن روح الإنسان، وكان في كتبهم أن علامة كونه نبياً أن لا يجيب لهذا، ولا شبهة أن الروح موجود، وأنه جسم لطيف، وأنه يحيا به الإنسان، وهو النفس المتردد في مخارق الإنسان، وأنها مخلوقة، والإشكال في موضعين:

  أحدهما: حاجة الحياة إليه على سبيل الوجوب أم الجواز بالعادة، فعند بعضهم على الوجوب، ووجه ذلك غير معلوم إلا لله تعالى، والذي اختاره القاضي: أن الحاجة للعادة فهو كالطعام والشراب.

  وثانيها: كيفية الإدراك فإن عند الإدراك لا تقع به، وإنما تقع بكونه حياً، فإذا كان جميع ذلك معلوماً يتكلم فيه المتكلمون فيبعد أن يقال: لا يعرفه الرسول، بل لا بد أن يعلم حقيقة ذلك، بل جماعة من أصحابه، وإنما لم يجبهم ووكلهم إلى ما في عقولهم للمصلحة، أو لما في بيانه من المفسدة، أو لأن في ترك بيانه تقوية للنبوة على ما روي، وهذا كله مذهب أبي علي.

  فأما إذا قلنا: إن السؤال وقع عن القرآن، وقد جاء الجواب، فذلك ظاهر.

قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ٨٨ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ٨٩}